غضبك صديقك | Rawan Ghazi

كتاب غضبك صديقك

كيف تحوله الى قوة إيجابية؟

هذا الكتاب ليس محاولة لقمع الغضب أو التخلص منه، بل هو رحلة نحو فهمه بعمق، نحو اكتشاف جذوره في داخلنا، ورؤية كيف تشكّل على مدار حياتنا، وكيف أصبح جزءًا من استجابتنا للعالم. إنه دعوة للنظر إلى الغضب ليس كعائق أو كشيء يجب أن نحاربه، بل كطاقة خام يمكن توجيهها وإعادة
تشكيلها، بحيث لا تتحكم بنا، بل نكون نحن من نحدد كيف نستخدمها.

الغضب لم يكن يومًا المشكلة، فهو في جوهره مجرد إحساس طبيعي كغيره
من المشاعر، لكن الطريقة التي نفهمه ونتعامل معه هي التي تصنع الفرق. هناك من يقع أسيرًا له، يكرّر نفس أنماط الغضب، ينفعل على نفس الأمور، ويشعر بأنه عاجز عن التحرر من هذا الشعور الذي يستهلكه. وهناك من يدرك أن الغضب ليس أكثر من إشارة، رسالة، نداء داخلي يخبره بأن هناك شيئًا يحتاج إلى الانتباه. هؤلاء لا يقمعون الغضب ولا يسمحون له بأن يسيطر عليهم، بل يتعلمون كيف يستخدمونه كأداة للنمو والتطور.

الفرق بين الحالتين ليس في مقدار الغضب ذاته، بل في الوعي الذي يحمله الشخص تجاه مشاعره. فالغضب الذي يُرى على أنه عقبة يصبح قيدًا يكبّل صاحبه، يجعله يكرر نفس الأخطاء، يخوض نفس النزاعات، ويدور في دوامة لا تنتهي. أما الغضب الذي يُفهم بعمق، فيتحول إلى فرصة لإعادة تقييم الذات، لإيجاد القوة الداخلية، ولتحويل الانفعال إلى وعي يقود إلى خطوات أكثر حكمة في الحياة.

وهذا هو جوهر الرحلة التي يأخذك فيها هذا الكتاب، فهو لا يدعوك إلى التخلص من الغضب، بل إلى الاستماع إليه، إلى فهمه، إلى إعادة تعريف علاقتك به، بحيث يصبح رفيقًا في رحلتك نحو وعي أعمق، وليس قوةً تهدد سلامك الداخلي.

هذا ليس كتابًا نظريًا، بل هو تأمل عميق في علاقتنا بالغضب، يقدم للقارئ أدوات تساعده على رؤية مشاعره بوضوح، على إعادة تعريف علاقته بالغضب بحيث لا يكون وقودًا للاندفاع أو وسيلةً للقمع، بل طاقة يمكن تحويلها إلى وعي، إلى تغيير، إلى قوة داخلية مستقرة.

في النهاية، الغضب الذي نفهمه لا يعود يتحكم بنا. بل نصبح نحن من نقرر متى نستخدمه، كيف نستجيب له، وكيف نحوله إلى خطوة تقربنا أكثر إلى ذواتنا الحقيقية.

إذا كنت مستعدًا لاكتشاف الغضب من زاوية مختلفة تمامًا، فهذا الكتاب سيكون دليلك نحو التحرر منه، لا عبر مقاومته، بل عبر فهمه وتحويله إلى قوة إيجابية.